کد مطلب:352949 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:275

ابوبکر الصدیق فی حیاة النبی
أخرج البخاری فی صحیحه من الجزء السادس صفحة 46 فی كتاب تفسیر القرآن سورة

الحجرات. قال: حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبی ملیكة قال كاد الخیران أن یهلكا أبا بكر وعمر رضی الله عنهما رفعا أصواتهما عند النبی صلی الله علیه وآله وسلم حین قدم علیه ركب بنی تمیم فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخی بنی مجاشع وأشار الآخر برجل آخر قال نافع لا أحفظ أسمه فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافی قال ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما فی ذلك فأنزل الله یا أیها الذین آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآیة. قال ابن الزبیر: فما كان عمر یسمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بعد هذه الآیة حتی یستفهمه ولم یذكر ذلك عن أبیه یعنی أبا بكر. كما أخرج البخاری فی صحیحه فی الجزء الثامن صفحة 145 من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. باب ما یكره من التعمق والتنازع. قال أخبرنا وكیع عن نافع بن عمر عن ابن أبی ملیكة قال: كاد الخیران أن یهلكا أبو بكر وعمر، لما قدم علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم وفد بنی تمیم،



[ صفحه 178]



أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التمیمی الحنظلی أخی بنی مجاشع وأشار الآخر بغیره، فقال أبو بكر لعمر: إنما أردت خلافی، فقال عمر: ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما عند النبی صلی الله علیه وآله وسلم فنزلت: یا أیها الذین آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبی ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون، إن الذین یغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذین امتحن الله قلوبهم للتقوی لهم مغفرة وأجر عظیم. قال ابن أبی ملیكة قال ابن الزبیر: فكان عمر بعد ولم یذكر ذلك عن أبیه یعنی أبا بكر إذا حدث النبی صلی الله علیه وآله وسلم بحدیث حدثه كأخی السرار لم یسمعه حتی یستفهمه. كما أخرج البخاری فی صحیحه من الجزء الخامس صفحة 116 من كتاب المغازی - وفد بنی تمیم قال: حدثنا هشام بن یوسف أن ابن جریج أخبرهم عن ابن أبی ملیكة أن عبد الله بن الزبیر أخبرهم أنه قدم ركب من بنی تمیم علی النبی صلی الله علیه وآله وسلم، فقال أبو بكر أمر القعقاع بن معبد بن زرارة: فقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس. قال أبو بكر ما أردت إلا خلافی، قال عمرك ما أردت خلافك فتماریا حتی ارتفعت أصواتهما فنزلت فی ذلك: یا أیها الذین آمنوا لا تقدموا بین یدی الله ورسوله حتی انقضت. والظاهر من خلال هذه الروایات أن أبا بكر وعمر لم یتأدبا بحضرة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم بالآداب الإسلامیة وسمحا لأنفسهما بأن یقدما بین یدی الله ورسوله بغیر إذن ولا طلب منهما رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن یبدیا رأیهما فی تأمیر أحد من بنی تمیم، ثم لم یكتفیا حتی تشاجرا بحضرته وارتفعت أصواتهما أمامه من غیر احترام ولا مبالاة بما تفرضه علیهما الأخلاق والآداب التی لا یمكن لأی أحد من الصحابة أن یجهلها أو



[ صفحه 179]



یتجاهلها بعد ما قضی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حیاته فی تعلیمهم وتربیتهم. ولو كانت هذه الحادثة قد وقعت فی بدایة الإسلام لالتمسنا للشیخین فی ذلك عذرا ولحاولنا أن نجد لذل بعض التأویلات. ولكن الروایات تثبت بما لا یدع مجالا للشك بأن الحادثة وقعت فی أواخر أیام النبی صلی الله علیه وآله وسلم إذ أن وفد بنی تمیم قدم علی رسول الله فی السنة التاسعة للهجرة ولم یعش بعدها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إلا بضعة شهور كما یشهد بذلك كل المؤرخین والمحدثین الذین ذكروا قدوم الوفود علی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم والتی تحدث عنها القرآن الكریم فی أواخر السور بقوله: وإذا جاء نصر الله والفتح ورأیت الناس یدخلون فی دین الله أفواجا. وإذا كان الأمر كذلك فكیف یعتذر المعتذرون عن موقف أبی بكر وعمر بحضرة النبی صلی الله علیه وآله وسلم ولو اقتصرت الروایة علی الموقف الذی مثله الصحابیان فسحب لما وسعنا النقد ولا الاعتراض. ولكن الله الذی لا یستحی من الحق سجلها وأنزل فیها قرآنا یتلی، فیه التندید والتهدید لأبی بكر وعمر بأن یحبط الله أعمالهما إن عادا لمثلها، حتی أن راوی هذه الحادثة بدأت كلامه بقوله: كاد الخیران أن یهلكا أبو بكر وعمر. ویحاول راوی الحادثة بعد ذلك وهو عبد الله بن الزبیر أن یقنعنا بأن عمر بعد نزول هذه الآیة فی شأنه إذا حدث رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لا یسمعه صوته حتی یستفهمه ورغم أنه لم یذكر ذلك عن جده أبی بكر فالتاریخ والأحداث التی ذكرها المحدثون تثبت عكس ذلك ویكفی أن تذكر رزیة یوم الخمیس قبل وفاته صلی الله علیه وآله وسلم بثلاثة أیام حتی نجد بأن عمر نفسه قال قولته المشؤومة إن رسول الله یهجر وحسبنا كتاب الله فاختلف القوم فمنهم من یقول قربوا إلی الرسول یكتب لكم ومنهم من یقول مثل قول



[ صفحه 180]



عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف [1] قال لهم رسول الله صلی الله علیه وآله

وسلم: قوموا عنی لا ینبغی عندی التنازع [2] فالمفهوم من كثرة اللغو واللغط

والاختلاف والتنازع، أنهم تجاوزوا كل الحدود التی رسمها الله لهم فی سورة الحجرات كما مر. ولا یمكن إقناعنا بأن اختلافهم وتنازعهم ولغطهم كان همسا فی الآذان بل یفهم من كل ذلك بأنهم رفعوا أصواتهم حتی أن النساء اللاتی كن وراء الستر والحجاب شاركن فی النزاع وقلن قربوا إلی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یكتب لكم ذلك الكتاب فقال لهن عمر: إنكن صویحبات یوسف إذا مرض عصرتن أعینكن وإذا صح ركبتن عنقه فقال له رسول الله: دعوهن فإنهن خیر منكم [3] .

والذی نفهمه من كل هذا بأنهم لم یمتثلوا أمر الله فی قوله: یا أیها الذین آمنوا لا تقدموا بین یدی الله ورسوله ولا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبی ولم یحترموا مقام الرسول ولا تأدبوا عندما طعنوه بكلمة الهجر. وقد سیق لأبی بكر أن تلفظ بكلام بذئ بحضرة النبی صلی الله علیه وآله وسلم وذلك عندما قال لعروة بن مسعود أمصص ببظر اللاب [4] وقال القسطلانی شارح

البخاری معلقا علی هذه العبارة، والأمر بمص البظر من الشتائم الغلیظة عند العرب، فإذا كانت أمثال هذه الكلمات تقال بحضرته صلی الله علیه وآله وسلم فما هو معنی قوله تعالی: ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض؟. وإذا كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم علی خلق عظیم كما وصفه ربه وإذا كان أشد حیاء من العذراء فی خدرها كما أخرج ذلك



[ صفحه 181]



البخاری ومسلم [5] وقد صرح الشیخان البخاری ومسلم بأن رسول الله صلی الله علیه

وآله وسلم لم یكن فاحشا ولا متفحشا وكان یقول: إن من خیاركم أحسنكم أخلاقا [6] فما بال صحابته المقربین لم یتأثروا بهذا الخلق العظیم؟

أضف إلی كل ذلك بأن أبا بكر لم یمتثل أمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عندما أمر علیه أسامة بن زید وجعله من جملة عساكره وشدد النكیر علی من تخلف عنه حتی قال: لعن الله من تخلف عن جیش أسامة [7] وذلك بعد ما بلغه صلی الله

علیه وآله وسلم طعن الطاعنین علیه فی مسألة تأمیر أسامة التی ذكرها جل المؤرخین وأصحاب السیر. كما أنه سارع إلی السقیفة وشارك فی إبعاد علی بن أبی طالب عن الخلافة، وترك رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مسجی بأبی هو وأمی ولم یهتم بتغسیله وتكفینه وتجهیزه ودفنه متشاغلا عن كل ذلك بمنصب الخلافة والزعامة التی اشرأبت لها عنقه، فأین هی الصحبة المقربة والخلة المزعومة وأین هو الخلق؟ وأنا أستغرب موقف هؤلاء الصحابة من نبیهم الذی قضی حیاته فی هدایتهم وتربیتهم والنصح لهم عزیز علیه ما عنتم حریص علیكم بالمؤمنین رؤوف رحیم.. فیتركونه جثة هامدة ویسارعون للسقیفة لتعیین أحدهم خلیفة له. ونحن نعیش الیوم فی القرن العشرین الذی نقول عنه بأنه أتعس القرون وأن الأخلاق تدهورت والقیم تبخرت ومع كل ذلك فإن المسلمین إذا مات جار لهم أسرعوا إلیه وانشغلوا به حتی یواروه فی حفرته ممتثلین قول الرسول صلی الله علیه وآله وسلم: إكرام المیت دفنه.



[ صفحه 182]



وقد كشف أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب عن تلك الوقائع بقوله: أما والله لقد تقمصها ابن أبی قحافة وإنه لیعلم أن محلی منها محل القطب من الرحا [8] .

ثم بعد ذلك استباح أبو بكر مهاجمة بیت فاطمة الزهراء وتهدیده بحرقه إن لم یخرج المتخلفون فیه لبیعته. وكان ما كان مما ذكره المؤرخون فی كتبهم وتناقله الرواة جیلا بعد جیل. ونحن نضرب عن ذلك صفحا وعلی من أراد المزید أن یقرأ كتب التاریخ.


[1] البخاري: 5 / 138 باب مرض النبي ووفاته.

[2] البخاري: 1 / 37 كتاب العلم.

[3] كنز العمال: 3 / 138.

[4] البخاري: 3 / 179.

[5] البخاري كتاب المناقب باب صفة النبي - ومسلم في كتاب الفضائل باب كثرة حيائه صلي الله عليه وآله وسلم.

[6] مسلم كتاب الفضائل باب كثرة حيائه صلي الله عليه وآله وسلم البخاري كتاب المناقب باب صفة النبي صلي الله عليه وآله وسلم.

[7] كتاب الملل والنحل للشهرستاني المقدمة الرابعة، كتاب السقيفة لأبي بكر أحمد بن العزيز الجوهري.

[8] الخطبة الشقشقية من نهج البلاغة.